الاثنين، 10 أغسطس 2015

كتاب أم الطلبة



صدر حديثا للأستاذ الكاتب السيد رضى الله عبد الوافي ابن العلامة الأديب الوزير سيدي محمد المختار السوسي، بمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة السيدة والدته: الحاجة الشريفة للاّصْفية بنت إبراهيم التازروالتي رحمها الله، كتاب في ترجمتها عَنْونه: " أم الطلبة "، تحدّث فيه عن والدته: نسبها، مولدها، سيرتها، وهواياتها، وما عُرف عنها من أخلاق كريمة طيبة.. كما تكلم فيه عن مجريات احداث زواج والده بها، والذي كان اقترَح عليه كبار العلماء ـ كالشيخ أبي شعيب الدكالي ـ وبعض وجهاء مراكش بناتهم فلم يقع اختياره إلا عليها، وذكر فيه مراحل حياتها متنقلة مع الشيخ زوجها بيْن: مراكش حيث مدرسة الرميلة، فكانت تعتني فيها بإكرام طلبتها وضيوف زوجها السادة العلماء والأدباء وغيرهم من الفضلاء، ثم مرحلة إلغْ، حيث نُفيتْ معه بسبب مواقفه الوطنية، ثم ما بعد النفي، حيث عادتْ رفقته إلى مراكش، ثم للدار البيضاء، وكان الاستقرار أخيرا بعد الاستقلال بالرباط العاصمة، وبها كان مرقدها غير بعيد عن مرقد زوجها.

قدّم للكتاب الدكتورة آمنة الراضي التي حصلت مؤخرا على الدكتوراه من كلية الآداب بأكادير في موضوع "الرؤية النقدية عند محمد المختار السوسي بين التنظير والتطبيق"، فكان من جميل المناسبة أن يكون من يُقدم لكتاب يتحدث عن سيدة سوسية جليلة سيدة كريمة من أبناء سوس أيضا.

وفي آخر الكتاب شهادات لستة من الشخصيات التي عرفت السيدة والدته، وخالطتها، أو نالها من إحسانها وكرمها، منهم بعض تلامذة والده الذين درسوا في مدرسة الرميلة: الشيخ الفقيه رئيس إحدى المجالس العلمية بالدار البيضاء سيدي حسن الأمين، والشيخ الفقيه خريج جامعة ابن يوسف بمراكش سيدي محمد المعتمد، وقد كنتُ رافقته حين سجل شهادتهما بالدار البيضاء، فرأيتُ كيف يكون توقير العلماء الأجلاء الفضلاء لشيخهم الذي اعتنى بهم، وكيف هو شوقهم له، وكيف هي محبتهم له، وتسمع من أحدهم يقول أنه صاحب الفضل عليّ، وأنه لا يزال يرى الشيخ في المنام المرة بعد المرة على حالة نورانية عالية.. 
كما أتى فيه بشهادة الدكتور محمد خليل وشهادة زوجته، والسيدة مينة الحاج السليماني، وأتى بكلمة للأستاذ عبد الله السعيدي عضو جمعية علماء سوس، وختام صفحات الكتاب تقريظ للأستاذ سمير الوناسي المراكشي.

يجد القارئ في الكتاب نقول كثيرة من مؤلفات العلامة سيدي محمد المختار السوسي، المطبوع منها والمخطوط، كما يجد فيه العديد من الوثائق المتنوعة، وصور للعديد من رسائل التعزية فيها وغير ذلك.
فجاء مؤلفا لطيفا، ممتعا، ينضاف إلى قائمة الكتب التي أفردها علماؤنا الأجلاء في ترجمة أمهاتهم، كالشيخ الحافظ سيدي عبد الحي الكتاني الذي له كتاب : "ترقية المريدين بما تضمنته سيرة السيدة الوالدة من احوال العارفين" (1)، والشيخ القاضي سيدي احمد سكيرج الذي ألف: "الغنيمة الباردة في ترجمة سيدنا الوالد وسيدتنا الوالدة"، والشيخ المحدث سيدي محمد الباقر الكتاني له صنف كتاب: "صيد المآثر الشاردة في ترجمة السيدة الوالدة" (2).

فهنيئا للأستاذ المؤلف سيدي رضى الله عبد الوافي على هذا الإنتاج الجديد الذي يدل على بُروره بوالدته، والذي لاشك سيُفرح أهل سُوسْ ونساء سوس، وسيُضيف الكثير عن سيرة شيخ الجماعة بسوس العلامة الوزير سيدي محمد المختار السوسي، ويُبرز دور ومكانة زوجته التي كان يحبها ويعتز بها في مسيرته الحياتية الحافلة الناجحة.


-------------------------------
1) مطبوع، نشر سنة 2007 م.
2) التأليف ونهضته بالمغرب (ص 117)