أهداني
الدكتور ياسين السالمي ـ جزاه الله خيرا ـ الأسبوع الماضي، هذا الكتاب الذي حَققه،
وهو مِنْ تصنيف الإمام الفقيه الصوفي سيدي أحمد ابن مبارك السّجلماسي المتوفى ـ
رحمه الله ـ بفاس سنة 1156هـ.، ودُفن بقُبّة شيخه العارف بالله سيدي عبد العزيز
الدباغ (ت 1132هـ).
وهو كتاب
مفيد، أعجبني، ناقش فيه مؤلفه ما نُسِب إلى العارف ابن العربي الحاتمي (ت 638هـ)
مِنَ القول بنجاة فرعون ! وما نُقل عن الإمام الشعراني (ت 973هـ) في تأييده !
ورَدَّ هذا الكلام المنسوب إليه بأدلة مِنَ الكتاب والسنة وأقوال الأئمة..
وبيّن
الإمام سيدي أحمد ابن مبارك أنّه دُسّ في مؤلفات ابن عربي ومؤلفات الشعراني ما ليس
من كلامهما، وطال بعض كتبهم التحريف، كما أعطى أمثلة على علماء كبار نُسبت إليهم
أشياء غير صحيحة، ومنهم مَن نُسبت إليهم مؤلفات ليستْ من تصنيفهم.. !
فيجب
التمهل والتحقق قبل نسبة بعض الآراء إلى مثل هؤلاء الأكابر، فقد تكون مكذوبة عليهم
أنشأها الحُساد ومن يخالفهم في المذهب والرأي والاعتقاد..
وَنقل (ص
55) عن القاضي أبي بكر الباقلاني (ت 403هـ) أنه قال في كتاب "الانتصار":
( ما حاصله: إنّ وجود مسألة مذمومة في نسخة من كتاب إمام، بل في نسختين، بل في ألف
نسخة من ذلك الكتاب، لا يدل على أن ذلك الإمام قالها واعتقدها، حتى تَبلُغ إلينا
عنه بالنقل المتواتر الذي يستوي فيه الطرفان والواسطة، ومتى لم تبلغ إلينا بهذا
النقل فغنه يجب السعي إلى تأويلها إذا ثبتت إمامة ذلك المؤلِّف ).
وقال (ص
49) أنّ ابن
عربي ( شهير الولاية، مازال العارفون من لَدن زمانه يشهدون بولايته في كتبهم
ويُكثرون من نقل كلامه، ومنهم الشيخ ابن عباد، والشيخ الشعراني، والشيخ عبد الرحمن
الثعالبي وأمثالهم..)، فيبعد على مثله أنْ يقول مثل هذا الكلام،
وهكذا
فليكن النقاش مع العلماء، بالعلم والأدب، لا بالسخرية والاستهزاء وحكاية النكات
وإطلاق القهقهات في المجالس العلمية كما يصنع بعض الناس اليوم !
وفي مقدمة
"اليواقيت والجواهر" يقول الإمام الشعراني: ( أخبرني العارف بالله تعالى
الشيخ أبو طاهر المزني الشاذلي رضي الله عنه، أنّ جميع ما في كُتب الشيخ محيي
الدين مما يخالف ظاهر الشريعة مدسوس عليه، قال: لأنه رجل كامل بإجماع المحققين،
والكامل لا يصح في حقه شطح عن ظاهر الكتاب والسنة، لأن الشارع أمنه على شريعته ).
قال: ( فلذلك تتبعتُ المسائل التي أشاعها الحسدة عنه وأجبتُ عنها، لأن كتبه
المروية لنا بالسند الصحيح ليس فيها ذلك ).
طُبع
الكتاب بالرباط السنة الماضية (2024م)، وقَدّم له الأستاذ العلامة يدي أحمد شوقي
بنبين، وعدد صفحاته: 112، وفي الكتاب فوائد أخرى، ومقدمة وتعليقات للمحقق في
الهوامش مفيدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق