بعد مذاكرة بيني وبين الأستاذ الكاتب سيدي رضى الله عبد الوافي ابن العلامة الأديب سيدي محمد المختار السوسي حول العلامة الفقيه سيدي محمد بن أبي بكر التطواني السلاوي، أعارني ـ مشكورا ـ البحث الذي كتبته السيدة أسماء التطواني لنيل دبلوم الإجازة، والذي عنونته: "الفقيه التطواني ودوره في البحث العلمي"، وبما أنها ابنة المتحدَّث عنه، فإن بحثها لاشك سيكون فيه معلومات مهمة مما استقته عن والدها مباشرة ورَوَته عنه من غير واسطة.
وقد ذكرت أنها حين كانت تفكر في موضوع البحث، اقترح عليها والدها بعد أنِ استشارته، الكتابة عن الإمام المقري صاحب كتاب: "نفح الطيب"، أو الكتابة عن المؤرخ المراكشي العلامة القاضي العباس بن ابراهيم التعارجي صاحب "الإعلام" ، غير أن أستاذها السيد الغازي علال اقترح عليها أنْ تكتب في سيرة والدها العلامة، وبعد تردّد منها وإعراض مِن والدها الذي كان شديد العزوف عن التحدث عن نفسه، ومع إصرار الأستاذ المشرفِ عليها، تَيَسّرََ لها الأمر، وانفتحتْ لها سُبل هذا البحث الطيّب في التعريف بوالدها.
خصّصََتِ (الفصل الأول) منه للحديث عن أصل العائلة التي نزلتِ الشاوية نازحة من الشرق في جملة القبائل العربية، وبينتْ أن نسبة التطواني راجعة لبعض أسلافهم الذي أمضى في تطوان بعض مدة، فلما عاد لسلا صار يدعى بالتطواني، فاستمر إطلاق هذه النسبة على العائلة إلى اليوم، وبعد الحديث عن مسقط رأس المترجَم له وبيئة النشأة المحيطة التي أثّرت في تكوين شخصيته، اتجهتْ للكلام عن ثقافته، وطبعا كان مُبتدأ الرحلة الكُتّاب الذي دخله وهو لم يُكمل أربع سنوات من عمره، فذاق في تلك المرحلة قسوة المُعلمين الذين كانوا يَرون الضرب أحسن وسيلة لتثبيت الحفظ وتنشيط الذاكرة.
وفي سنة 1337هـ التحق بجامع القرويين بمدينة فاس، غير أن والده توفي في نفس السنة، فعاد إلى سلا ليشتغل مدة سنة بإحدى الوظائف، ثم رجع ـ من جديد ـ إلى فاس لمتابعة دراسته، فحضر دروس المشايخ والعلماء التي تُعقد بالقرويين وبالزوايا والمساجد والأضرحة..
وكان من سعادته تعرّفه على الشيخ الحافظ سيدي عبد الحي الكتاني « الذي فتح له قلبه، كما فتح له خزانته، وأدنى منزلته، وأصبح يعتبره واحدا من أبنائه »، وحيث أن الفقيه التطواني كان صاحب أسلوب أدبي بديع في كتابة الرسائل؛ فقد كان « الشيخ عبد الحي يستعين به ويتخذه كاتبا لرسائله وناسخا لتآليفه »، وقد استفاد من قربه من الشيخ عبد الحي، وحضوره لمجالسه، ودخوله لخزانته، فتعرّف على مشايخ أجلة كانوا يفِدون لزيارة هذا العالم الكبير وزيارة خزانته التي كانت مضرب المثل في كثرة محتوياتها وتنوعها..
أما شيوخ العلامة الفقيه سيدي محمد بن أبي بكر التطواني الذين استفاد منهم، فـ « يتجاوز عددهم الخمسين، أما الذين أجازوه فنحو الثلاثين ».
فمن العلماء المغاربة الذين أجازوه: الشيخ عبد الحي الكتاني، والشيخ فتح الله البناني.
ومن العلماء المشارقة: الشيخ زاهد الكوثري، والشيخ عبد الباقي الهندي، والشيخ بخيث المصري، والشيخ عمر حمدان، وغيرهم.
فمن العلماء المغاربة الذين أجازوه: الشيخ عبد الحي الكتاني، والشيخ فتح الله البناني.
ومن العلماء المشارقة: الشيخ زاهد الكوثري، والشيخ عبد الباقي الهندي، والشيخ بخيث المصري، والشيخ عمر حمدان، وغيرهم.
وقد ترك عدة مؤلفات، منها: "ابن الخطيب من خلال كتبه". و: "جلال العرش المحمدي في ظل راية القرآن" وهو كتيب صغير، لا يتعدى 25 صفحة، نُشر بالمطبعة المحمدية. و: "ذيل على فهرس الفهارس" الذي قالت عنه ابنته: « كتاب لا زال مخطوطا ، عثرت على بعض النسخ منه، وهذه النسخ عبارة عن تراجم حياة مائة وستين من العلماء والأدباء لم يتعرض لهم صاحب "فهرس الفهارس"، رجع الفقيه في ترجمة حياتهم إلى عدد من الكتب والمخطوطات النادرة، وبحسب المصادر أو المراجع التي يقتبس منها تطول أو تقصر الترجمات..». و: "تراجم أعلام ما قبل القرن السابع الهجري"، لا يزال مخطوطا. و: "القاضي عياض"، لا يزال مخطوطا. و: "ولاية العهد في العرش المغربي"، وهو محاضرة صغيرة مخطوطة. و: "رسالة عن المكي البطاوري"، وهي « رسالة صغيرة لا تتجاوز بعض الكراريس، لا زالت مخطوطة، كتبها أيام مقامه بفاس، ونالت اعجاب عبد الحي الكتاني فقرأها في مجلسه على بعض أصدقائه، فقوبلت بالتشجيع من طرف عبد الرحمن بن زيدان، كما أعجب ها المعني بالأمر ـ المكي البطاوريـ فيما بعد فظل محتفظا بها ».
كما كانت للفقيه التطواني عدة رحلات للمشرق، كوّن فيها عدة صداقات مع رجال الفكر والسياسة والأدب ومع مستشرقين وغيرهم.
وخَصّصت (الفصل الثالث) من بحثها لإلقاء "أضواء على بعض إنتاجه".
ثم خاتمة.