الخميس، 4 يوليو 2019

إعارة الكتب ؟!




للكتاب قيمة كبيرة عند العالِم، فهو خير جليس ـ يُستفاد منه ـ في الخلوة، وأفضل مؤنس في الجلوة، لذلك قد يبذل لشرائه الكثير من المال، وقد يسافر لحيازته إلى مكتبات قريبة وأخرى توجد في مدن بعيدة، فتكون فرحته عند الظفر به عارمة، وسعادته كبيرة، فأينما حل اشترى منها وتزوّد، وحيثما ذهب تراه يجر حقائق ثقيلة ليس فيها غير الكتب   !!
وقد يأتيه من يطلب العلم، يريد أن يستعير منه كتابا رآه عنده، فيسمح به العالِم ويعطيه له رجاء الثواب والأجر الوارد في فضل نشر العلم وإفادة الطالبين..
وقد يرده خائبا لشدة تعلقه بالكتاب، أو لخشيته أن لا يَرى كتابه ذاك مرة ثانية، فكم ممن استعار كتابا ولم يرده لصاحبه  !
حدثني صَديق كتبي، حين رأيتُ عنده كتاب "حياة الصحابة" المطبوع في ثلاثة أجزاء ينقصه الجزء الثاني وسألته عن الجزء الثاني أين هو ؟!، أنَّ أحدهم استعاره منه، فلم يَرده إليه، ونسي هو من يكون المستعير، فكل من جاء يسأل عن الكتاب لا يقدر أن يبيعه إليه لنقصانه.
وزُرت يوما أحد الكتبيين، فرأيت عنده كتاب "معجم الأدباء" الطبعة القديمة، فسألته عن ثمنه، فأخبرني به، إلا أنه ذكر لي أنه ينقصه الجزء الأول ! فتأسفت لذلك، وقال لي: أن أحد طلاب إحدى المعاهد الدينية المعروفة رآى الكتاب عنده، فسأله أن يُعيره الجزء الأول منه لأنَّ حاجته منه ـ لأجل بحث يكتبه ـ بهذا الجزء دون باقي الأجزاء، ولأنه ـ لفقره ـ لا يستطيع شراء الكتاب كله، قال: فأعرته إياه، فمنذ ذلك اليوم لم أره، قال: وكُل مَنْ عَلِم أن الكتاب ينقصه الجزء الأول يصير لا يريد شراءه.
وهذا حال الكثيرين من الذين يُعيرون كتبهم، أكثرهم لا ترجع إليهم  !
وأخبرني صاحبي الكتبي، أنه أعار أحد أصدقائه كتابا، وبعد مرور مدة طالبه به، فأنكر صديقه أنه أخذه منه !! قال: ففي إحدى الأيام زرته في بيته، وجلستُ في غرفته التي فيها مكتبته، قال وهو يتأسف: فرأيت الكتاب المذكور في الرَّف بين كتبه  !
وكم أعرتُ كتبا لأصدقاء، فإذا ذهبتُ ـ بعد مضي مدة طويلة ـ لأستردها منهم، يَردونني خائبا، أو يماطلونني حتى أيأس منها، فأقول لهم: اقبلوها مني هدية.
والعديد منهم ينسون أنهم استعاروها مني ! فأتركها لهم وأشتري نسخة أخرى منها.
وأما إذا نسيت أنا من أخذها مني، فإني لا أراها أبدا.
ولا أدري لمَ يفعل بعض الناس مثل هذا ؟!
فإذا كان المرء سيقرأ كتابا فإنه لن يستغرق سنوات في ذلك، وإذا أتمَّه أو لم تعد له رغبة في مطالعته وإتمامه، فلمَ لا يَرده إلى صاحبه ؟! فلعله يحتاج إليه، أو يريد بيعه، أو قد يفيد به غيره ؟
وهذا الكتاب "آداب إعارة الكتاب في التاث الإسلامي" خصصه مؤلفه للحديث في هذا الموضوع، وهو كتاب طريف لطيف مفيد، جمع فيه ما تفرق في غيره، طبع سنة 1426هـ/2005م، وعدد صفحاته: 146.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق