الأحد، 23 أغسطس 2020

الدور الأول والثاني في ذكر ما دار من الرسائل بين العلامتين سيدي أحمد سكيرج والشيخ عبد الحي الكتاني

 

الشيخ العلامة القاضي الأديب المؤرخ الصوفي الفقيه المسند سيدي أحمد سكيرج الأنصاري، من علماء المغرب الذين زينوا القرن المنصرم، ولد بفاس، وتخرج من القرويين، ثم تقلد القضاء بعدة مدن، وسافر لعدة دول: الجزائر، تونس، مصر، فرنسا، والحجاز، وألف مؤلفات عديدة في التصوف والتراجم والفقه والحديث..

كان أول كتاب أقرأه له هو: "كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الأصحاب"، فأعجبني، وإني أحب كتب التراجم، ثم قرأت له غير ذلك وانتفعت.

وقد وقفتُ على قبره وترحمت عليه..

وهو رجل لطيفة أخلاقه، شاعر أديب كثيرة قصائده، نظم الشفا للقاضي عياض، ونظم خصائص السيوطي، وقصائد في الرحلة، والمدح..

جميل الصورة، منور الوجه، ضحوك غير عابس، اجتمعت ببعض من لقيه، فذكر لي أن الشيخ كان يباسطه ويضاحكه..

وتَعْلم تواضعه بمطالعة كلماته التي يخاطب بها صديقه الشيخ الحافظ سيدي عبد الحي الكتاني التي يفتتح بها رسائله إليه، مع أن الشيخ عبد الحي أصغر منه سنا بما يناهز عشر سنوات، وله فيه قصائد عديدة يمتدحه فيها، وقد عده في فهرسته "قدم الرسوخ" من مشايخه، وقال: ( لا أحتاج إلى التنويه بشأنه، وهو ممن ألقى السلاح كل فاضل بين يديه )، والشيخ عبد الحي يستحق التنويه والتفخيم.

الرسائل تُظهر المودة والمحبة التي كانت بين الرجلين، وتبين تعاونهما العلمي، وتحكي واقع التصوف في تلك المرحلة وما كان يعانيه شيوخه، وجهودهما في الرد على مناوئيه، وغير ذلك من الفوائد..

وفي الرسائل الخاصة التي يبعثها الأصدقاء لبعضهم البعض، قد يصرح الانسان بما لا يذكره في مؤلفاته وأمام الناس، فيبدي مثلا رأيه في أشخاص، فينعتهم بنعوت لا توافقه عليها، ولكن، ليس من الشرط كي تحب العالم أن يكون كاملا، وأن يكون بلغ النهاية في كل العلوم، وأن تتفق معه في كل شيء وكل آرائه !

جَمع هذه الرسائل الهائم بحب هذا العالم: الأستاذ الكاتب المحقق سيدي الراضي كنون، وقد نشر له العديد من المؤلفات، جزاه الله خيرا وزاده توفيقا.

وأهداه لي الدكتور الكاتب المحقق سيدي حمزة بن علي الكتاني أكرمه الله، فكانت أحسن هدية، وأتممت قراءته عند الأخوال بمدينة اكادير آخر شهر ذي القعدة.

توفي العلامة القاضي الأديب سيدي أحمد سكيرج رحمه الله بمدينة مراكش سنة 1363هـ/1944م.

 

السبت، 22 أغسطس 2020

الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي

 

من أحب العلماء إلى قلبي: الشيخ الشهير، الذائع الصيت، الدكتور الفقيه المفسر الخطيب الداعية الأديب يوسف القرضاوي، وكل عالم اسمه يوسف أحبه، مثل: يوسف بن عبد البر القرطبي، والحافظ المزي واسمه يوسف، ويوسف الفاسي، ويوسف المغربي والد الامام بدر الدين الدمشقي، ويوسف النبهاني، ويوسف الدجوي، ويوسف المرعشلي، وغيرهم..

طالعت العديد من كتبه، فأعجبني فكره، ومنهجه، وأسلوبه.. واستفدتُ منها ما كنت أجهله.

هو كاتب مكثر، لعل القلم لا يسقط من يده إلا لماما، له أزيد من 200 كتابا، طُبع العديد منها إلى عدة لغات: الانجليزية، الفرنسية، الألمانية، التركية، البوسنية، الكردية، والأندونيسية.. ويُدرَّس العديد منها في عدة جامعات عربية.. وكتبتْ عنها عدة دراسات..

كما كانت له مشاركة في عدة برامج إذاعية وفي القنوات الفضائية، واشتهر برنامج "الشريعة والحياة" الذي كانت تبثه "قناة الجزيرة"، فكان يتابعه عامة الناس وينتظرونه باهتمام..

وهو من الشخصيات الاسلامية التي لها تأثير كبير على فئة واسعة من المسلمين، وتتلمذ على فكره نخبة مهمة من علماء اليوم ورجال الدعوة والحركة الاسلامية..

وقد زار المغرب والتف الناس حوله وازدحموا ووجد عندهم كل الترحاب

له رواية عن مشايخ كبار من المسندين، وصنف الدكتور محمد أكرم الندوي له فهرسة عنونها: " كفاية الراوي عن العلامة الشيخ يوسف القرضاوي "، وترجمته هي الأخيرة في كتاب الدكتور أسامة الأزهري المُعنون: "أسانيد المصريين"، لذلك استجازه علماء كثر عرفوا قدره، بعضهم اليوم ممن يفتي بقتل من ينتمي لمدرسة الاخوان، ويَعدهم من الخوارج !

البعض إذا تغيرت رياح السياسة، غيروا الفتاوى !

نعم، لقد انتمى لهذه المدرسة الدعوية، وصار من قياداتها البارزين، ورُشح لمنصب مرشد الحركة..

لقد رأى الإمام المجدد الشهيد حسن البنا وسمع خطبته، فهنيئا له.

نال عدة جوائز عالمية، منها: جائزة الملك فيصل العالمية بالاشتراك مع سيد سابق في الدراسات الإسلامية لعام  1994م 1414 هـ، وجائزة دبي للقرآن الكريم فرع شخصية العام الإسلامية 1421 هـ.

قد لا توافقه في بعض ما أفتى به وبعض آرائه، وقد رجع عن فتاوى أفتى بها، لكن أين من لا يخطئ وكل كلامه صواب ؟

قرأت بعض المصنفات والمقالات في الرد عليه، خاصة ما كتبه أتباع التيار السلفي، فأحزنتني بعض العناوين، لأنها تدل على افتقار من كتبها الى الأدب والذوق والأخلاق..

الشيخ اليوم كبرت سنه، وضعفت قوته، لكن ذاكرته لاتزال قوية، وعلمه حاضر، وكلماته مؤثرة، وقلمه سيال، والقلوب ملتفة حوله، يُقبل على زيارته الأفاضل من أهل العلم والدعوة الذين يعرفون فضله من مختلف البلدان، فيفرحون باجتماعهم به.

حفظه الله وبارك في عمره.