كتاب مفيد ممتع، تقرأه لحلاوته في جلسة، طبع سنة
2016، عدد صفحاته 71 صفحة، أهاده لي مؤلفه العلامة الدكتور الشيخ سيدي الناجي لمين جزاه
الله خيرا، تحدثَ فيه عن الرحلات الحِجازية التي قام بها علماء المغرب الأقصى
والأوسط خلال القرنين السابع والثامن، فعرَّف فيه بـ22 عالما من الذين رحلوا
للمشرق وأدوا مناسك الحج والعمرة في تلك الفترة،
فمنهم من اجتمع بأبي طاهر السِّلفي المسند الكبير الحافظ، كمحمد
بن قاسم التميمي الفاسي، ويحيى الزواوي.
ومنهم أحمد بن محمد التميمي القرشي السلاوي الذي
أخذ عن عبد الرزاق ابن العارف الكبير سيدي عبد القادر الجيلاني، وهذا العالم
السلوي لم أجد له ترجمة في مجالس دنية ولا إتحاف الدكالي !
ومنهم من أخذ عن الحافظ شرف الدين الدمياطي كعلي البجائي.
ومنهم من اجتمع بسلطان العلماء العز بن عبد
السلام كأحمد بن عيسى الغماري، وناصر الدين منصور الزواوي المشدالي.
ومنهم ابن رشيد السبتي صاحب الإسناد العالي مؤلف
"ملء العيبة".
ومنهم القاسم بن يوسف التجيبي الذي اجتمع في دمشق
بشيخ الإسلام ابن تيمية وروى عنه.
ومنهم من اجتمع في مصر بالإمام الكبير ابن دقيق
العيد، كالقاسم التجيبي، وإبراهيم بن يخلف المطماطي، ومحمد بن إبراهيم الآبلي.
ومنهم من اجتمع بالحافظ ابن قيم الجوزية كمحمد بن
محمد بن أحمد المقري.
ومنهم الرحالة الكبير الشهير ابن بطوطة الطنجي
الذي تُرجمت رحلته إلى الكثير من لغات العالم، وغيرهم.
وقد تحدَّث في كتابه هذا عن مقاصد هؤلاء العلماء
مِن رحلاتهم تلك، وأن المقصد الأسمى منها كان هو: أداء فريضة الحَج وزيارة المدينة
المنورة، ثم يأتي في الدرجة الثانية: مقصد طلب العلم.
ومن مقاصدهم أيضا: (تحصيل علوم لم يكونوا قد
درسوها من قبل، أو الاستزادة من علوم كانوا قد نالوا منها نصيبا ببلدهم الأصلي
الذي خرجوا منه)، و: زيارة الأماكن المقدسة ببلاد الشام ولقاء العلماء الأعلام،
والقراءة عليهم والرواية عنهم..
ومن النتائج المهمة لهذه الرحلات: تصنيف مؤلفات
مهمة فيها معلومات عن تلك البلدان التي زاروها، ومعالم المدن التي دخلوها، وتراجم
مَن لقوا فيها مِن العلماء الأفذاذ، وما أخذوه من أسانيد عالية، وما دَرَسوه هناك
من كتب علمية..
فذكر لنا المؤلف في المبحث الثاني من كتابه
عناوين فهارس وبرامج لأولئك العلماء، وأعطانا فكرة عن موضوع كل كتاب، وإنْ كان طبع
أو هو من المصنفات المفقودة..
كما تحدث عن كون كتب رحلات العلماء المغاربة تُعد مصدرا من
مصادر تاريخ بلاد الحجاز، ونقل كلاما مهما حول ذلك من كتاب "الرحلات المغربية
والأندلسية مصدر من مصادر تاريخ بلاد الحجاز في القرنين السابع والثامن
الهجريين" لمؤلفته الدكتورة عواطف محمد يوسف نواب.
وبين أيضا أن تلك الرحلات التي ألفوها تُعد مصدرا
من مصادر التاريخ الحضاري والسياسي والثقافي لمدينة الإسكندرية، والقاهرة، ولمدينة
الخليل، والقدس، وعسقلان، وغزة وغيرها من المدن المشرقية.
ومن نتائج تلك الرحلات: (إدخال كتب فقهية كان لها
أثر بارز في تطور الدرس الفقهي)، فذكر في هذا العنوان مَن أدخل كتاب "المختصر
الفرعي" لابن الحاجب للمغرب، وكيف اعتنى فقهاء المغرب به حتى كان منهم من
يحفظه عن ظهر قلب. ومَن أول من أدخل إليه مختصر الشيخ الخليل، وما كان أثره بعد أن
تعرف علماء فاس عليه...
هذا بعض ما في الكتاب من موضوعات جميلة وفوائد
قيمة، وكتب الرحلات الحجازية المغربية كلها نفيسة، ممتعة، رائعة.