كمْ
أُحبّ، ويَعظمُ في عيني، مَنْ يُثنِي على الشيوخ ويُعدّدُ مَناقبهم ويَنشرُ مَحاسنهم،
فيَبسُطها لنا في كتابٍ، أو يُسمعنا إيّاها في خطابٍ، ولمثله دائماً أقول: هات زِدنا
هات.
لذلك أُعِزّ
كثيراً أمثال الإمام الشّعراني الذي ترجم لمن فات، ولم يمنعه حِجاب المعاصرة من الترجمة
لمن لقيهم من الشيوخ ممن لا يزال - آنذاك - على قيد الحياة، إذْ كما قال - رحمه الله - في
"الطبقات الصغرى" (ص 79):« قلَّ مَن يذْكُر مناقب أحدٍ منَ الأحياء في
حياتهِ، وإنما يَذكرونها بعدَ مماتهم »، فكان يُثني على الكلّ، ويلزم لسانه ألا ينطق
إلا بالخير والفضل.
ومِنَ
السّادة الذي أحبّهم وأكْبرُهم، لِعلمهمْ وفَضلهمْ، وهُو منَ الذين عَرفتُهم عن طريق
مؤلفاتهم القيّمة وتحقيقاتهم النفيسة، الشيخ العلامة، النسّابة، الذي هو الآن مِنْ مفاخر بلاد السّعودية، المُحقق البارع،
المُسنِد الرُّحلة، سيدي محمد بن عبد الله آل رشيد.
ولستُ
أدري متَى رأيتُ صورته أول مرّة، ولا أينَ طرقَ اسمه سَمعي، غير أني لما نظرتُ في بعض
ما ألفَ أعظمتُ الرجل جداً، وتيقنتُ أنه من الكبار.
ومِمّا
رفَع مِنْ شأنه عندي، كونه منْ التلامذة الكبار للإمام الجليل، والعلامة النبيل، الشيخ
سيدي عبد الفتاح أبو غدة ـ عليه الرحمة والرضوان ـ، الذي كنا ـ ولا نزال - نستفيدُ مِنْ مُؤلفاته، وننْهلُ مِمّا فيها مِنْ فوائدَ وفُهوم وآداب.
والشيخ
سيدي محمد بن عبد الله آل رشيد ـ حفظه الله - أشهر مِنْ نارٍ على علَم، خاصة في أوساط
الذين لهم عناية بتحصيل العلوم الشريفة، لكنْ لا بأسَ لمنْ لمْ يكنْ لهُ سابق معرفةٍ بهذا
الجهْبذ، أن ننقل لهم كلماتٍ لعلماء كبار وشيوخ فِخام، قالوها في حقّه، يرفعون فيها
مِن شأنه، أنقلها من تقريظاتهم لكتابه القيّم النفيس "إمداد الفتاح بأسانيد
ومرويات الشيخ عبد الفتاح".
فهو «
الشاب الناشئ في طاعة الله، ومِن مُحبي أهل العلم، الشيخ محمد بن عبد الله من آل
رشيد في المملكة العربية السعودية»[1] كما
قال الشيخ الكبير العلامة مصطفى بن أحمد الزرقا. وهو « ابن أبي غدة الرّوحي البارّ، البحّاثة »[2] كما يَرى
الشيخ العلامة محمد الشاذلي النيفر ـ رحمه الله ـ. وهو « العزيز، الشاب النبيل، النّابه،
الصّالح »[3] كما
قال حكيم الأمّة الإمام الجليل سيدي أبو الحسن علي الندوي ـ رحمه الله ـ. وهو « المُخلص،
الشابّ الألمعيّ »[4] حسب رأي العلامة محمد بن
أحمد الشاطري. وهو « الأديب، الأريب»[5] حسب
قول الفقيه الداعية الحبيب سالم بن عبد الله بن عمر الشاطري. ونعته العلامة المُؤرخ
الشريف سيدي محمد بن عبد الهادي المنوني ـ رحمه الله ـ بـ:« الأستاذ، المُسنِد،
الراوية، الشيخ»[6]. ونعته شيخنا العلامة المُحدث
سيدي عبد الله التليدي ـ حفظه الله ـ بـ:« الأخ الكريم، المؤرخ، البحّاثة، الشيخ »[7]. وهو حسب
قول العلامة المؤرخ عبد القادر بن كرامة الله البخاري:« الشاب الأديب، الأريب،
الباحث، النبيه، الأستاذ »[8]. ونعته
العلامة الفقيه المؤرخ عبد الفتاح بن حسين واره بأنه:« بهيّ الطلعة، الأخ المُحبّ
لنا ولأهل العلم كافة »[9]. وهو
« الشيخ، العالم، النبيل »[10] حسب
قول الشيخ العلامة المحدث النقاد محمد عبد الرشيد العثماني ـ رحمه الله ـ . وأثنى عليه العلامة
أحمد مختار رمزي بأنه:« العالم، التقي، الصالح، والتلميذ المخلص الوفي البار المحبّ»[11]. وهو
حسب قول الشيخ العلامة الدكتور عبد الوهاب بن إبراهيم أبو سليمان:« الأخ، العالم،
الباحث، الشيخ »[12]. ونعته العلامة المحدث
محمد عوامة بـ:« الأخ الكريم، المحبّ الحبيب، الشيخ »[13]. كما
شكرهُ وأثنى عليه بالتحقيق والعِلْم والفضل الشيخ العلامة المُسند سيدي عبد الرحمن
الكتاني، وذلك في إحدى زياراتي له هذه السنة ببيته بمدينة فاس.
هذا
غيضٌ من فيْض، ولو شئنا تتبّع كلّ ما قيل عنه ـ حفظه الله- لطالت السّطور، وصارت شِبه
رِسالة، وقد تبلغ أن تُسمى كتاباً، وليسَ بكثير على مثله أن يُترْجَم في مُجلد أو
مجلدين. وقد كنتُ أظنّ أنه لن يبلغ أحد من أبناء هذا القرن أو القرن السّابق في
عدد الشيوخ الذين لقيهم وأخذ عنهم أو استجازهم ما بلغه الشيخ العلامة الحافظ سيدي عبد
الحي الكتاني ـ رحمه الله تعالى -، لكن الشيخ محمد آل رشيد ممن بلغ ذلك، ولعله قد زاد عليه
وفاقه، إذ لم يترك ـ حفظه الله - قُطراً إلا وطرَق أبوابَ مَن به منَ الشيُوخ، يُثني الرّكبَ
في مَجالسهم، يقرأ عليهم كتبَ الحديث الشريف وغيره مِن فُنون العلم، ويسأل عمّن عنده
إجازة منْ والدٍ أو جدّ أو شيخ، لا يصيبه الكللْ، ولا يأخذه لأجل تحصيل تلك
الأسانيد العاليةِ المللْ، آدابه عالية، وهمّته قعْساء، فهو دائماً في الطلب. فلأمثاله ـ جزاهم
الله خيراً- المنّة على أبناء الأمة، لسَعْيهم للحفاظ على سِلسلة الإسناد، ولقول الإمام
الرباني سيدنا إبراهيم ابن أدهم ـ عليه الرحمة والرضوان ـ:« إنَّ الله تعالى يَدفعُ البلاء عنْ هذِه الأمة برحْلة أصحابِ الحديثِ ».
حفظ
الله شيخنا العلامة المحقق البارع سيدي محمد بن عبد الله آل رشيد، وبارك لنا في
عمره، ونفع بعلومه القاصي والداني، إنه سميع مُجيب.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ردحذفتحية طيبة اخي الحبيب
وجزيت خيرا على تسليطك الضوء على سيرة هذا الشيخ المفضال
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حذفبارك الله فيكم سيدي الكريم
وشكرا لكم على الكلمة الحلوة الطيبة