كتب
الدكتور محمد رياض - رحمه الله - كتاباً مهماً في ترجمة الشيخ أبي شعيب
الدكالي، طُبع في جزأين، ثم اشتغل بعد ذلك بتأليف آخر في ترجمة ولده الشيخ عبد الرحمن
الصديقي، غير أن المنية أدركته قبل أنْ يُنهيَهُ، فقام
الكتاب المؤرخ الأستاذ أحمد متفكر بمراجعة المادة التي خلفها الدكتور محمد رياض في
مسودتها، وحرّر بعض فقراته، حتى أتمه، فطَبع الكتاب في بمراكش سنة 2013م، وضم إليه الأستاذ أحمد متفكر ديوان الشيخ عبد الرحمن الدكالي الذي سبق وجمعه وطبعه.
الكتاب
قيّمٌ، تجد فيه ترجمة رجل من رجالات العلم
والوطنية والأدب بلاد المغرب الأقصى، وقد قدم الدكتور محمد رياض ترجمته للشيخ عبد الرحمن الدكالي بالحديث عن أصله وموطنه، وما تتميز
به دكالة في عدة مجالات: كالتربية، والجهاد، والعلم، وما فيها من مدارس، وزوايا
علمية..إلخ
ثم تكلم عن عصره ومن عاصرهم من الحكام، ثم تحدث
عن مسيرته العلمية، وعن شيوخه الذين درس عليهم بالمشرق والمغرب، ثم مَرّ لبيان جهوده
العلمية ومساهماته في الحركة الفكرية لهذا البلد، فقد ساهم - رحمه الله- في تأسيس
رابطة العلماء، كذا دار الحديث الحسنية، وكان عضو أكاديمية المملكة المغربية، كما
رأس المجلس العلمي لمدينة الجديدة الذي حبس عليه خزانة كتبه، وقد رأيتُ خزانته يوم زرت مدينة الجديدة أول مرة سنة 2012م، ورأيت بها صورة كبيرة معلقة على حائطها للشيخ أبي شعيب
الدكالي، وكانت لنا محاورة مع بعض الشيوخ هناك عن الشيخ أبي شعيب..
وقد ترك ديواناً ضم العديد من القصائد، ضبطه ونسقه وعلق عليه الأستاذ المؤرخ أحمد متفكر، أقتطف منه[1] قوله في قصيدة نظمها للإشارة لما تعانيه الجزائر في محنتها أيام الاستعمار:
وقد ترك ديواناً ضم العديد من القصائد، ضبطه ونسقه وعلق عليه الأستاذ المؤرخ أحمد متفكر، أقتطف منه[1] قوله في قصيدة نظمها للإشارة لما تعانيه الجزائر في محنتها أيام الاستعمار:
إخوة الدين والعروبة هذي * أمة منكم فأين الوفاء
إنها تكسر القيود وترمى * بالدواهي وإنها عزلاء
سلبت عزها ومات بنوها * واستباحت أعراضها الأعداء
فامنحوها السلاح والمال حتى * يشهد الغرب أنكم كرماء
واعلموا أنهم على كل حال * في سبيل استقلالهم شهداء
وقد لقي الشيخ عبد الرحمن الدكالي - لمكانته العلمية..- اهتماماً وعناية من طرف الملك محمد الخامس وكذا من طرف الملك الحسن الثاني -رحمهما الله-، ونال العديد من الأوسمة، وتقلّب في العديد من الوظائف، منها أنه عُيّن كاتبا للضبط بمجلس الإستئناف الشرعي، ثم تولّى القضاء، كما عُيّن كاتبا عاما لوزارة الأوقاف، وصارَ مُرشداً عاماً للقوات المسلحة الملكية برتبة كمندار، ثم رقي إلى رتبة عقيد، ورحل بوصفه هذا إلى الكونغو فأسلم على يده من أبناء تلك البلاد عشرات وعشرات قال « أنهم تجاوزا:200 مسلم وحملوا إسمه: عبد الرحمن ».[2]
من مميزاته التي عرف بها: قوّة حافظته.
قال المؤرخ سيدي عبد الوهاب بن منصور في وصفه:« من أهم مميزاته: ذاكرته القوية، وحافظته الواعية، شنشنة ورثها عن أبيه، لقد كان يحفظ أشعار العرب الفريدة، وأخبارهم العجيبة، دع عنك كلام الله وحديث الرسول، ويستظهر معلقات العرب وأراجيزها ومقاماتها وموشحاتها، وطرائفها ومستملحاتها، مثلما كان يحفظ المتون التي بينت أحكام الدين وتضمنت قواعد العلوم، إذا سئل عن شيء منها اندفع كالسيل يروي ما يستحضره فيه بديهة وارتجالا، من غير إعداد ولا تهيئ، وأذكر أنه جرى منذ سنتين في إحدى المسامرات بالحضرة الملكية ذكر قضية سدانة الكعبة، وكونها خالدة تالدة في بني شيبة إلى يوم القيامة، وكان بعض المسامرين فهم أن تخصيص بني شيبة بهذا الامتياز إنما هو لأمد محدود بعصر النبوة، فرد عليه أحد السمار بأنه امتياز مؤبد مطلق غير مقصور على زمن معين، وكانت الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل، فطلب زميلنا المرحوم بالهاتف وهو آو على فراشه مستغرق في نومه، وطلب منه أن يروي الحديث النبوي الوارد في المسألة، فانبرى يروي الحديث كما ورد في الكتب الصحاح، يذكر رواته ورواياته كما وردت في كل مسند وجامع وصحيح، فارتفع الاشكال، وسكت الجدال ».[3]
وُلِد بمكة سنة 1905م، وكانت وفاته ـ كما يشتهي- بالمدينة المنورة بعد أداء صلاة الصبح يوم 30 مارس 1983م، ودُفن بالبقيع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق